الضمان يوضح حول استبدال هذه الخدمة المجانية بمقابل مالي للمستفيدين من الشهر الجاي

الضمان يوضح حول استبدال هذه الخدمة المجانية بمقابل مالي
  • آخر تحديث

في ظل الظروف المعيشية المتغيرة التي تواجه العديد من الأسر المستفيدة من برامج الضمان الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، تزايدت الأصوات المطالبة بإعادة النظر في آلية صرف الدعم العيني، وتحديد ما يتعلق ببرنامج الحليب المخصص للأطفال.

الضمان يوضح حول استبدال هذه الخدمة المجانية بمقابل مالي 

وقد طرحت مؤخرا تساؤلات متكررة حول إمكانية استبدال هذا الدعم العيني بمبلغ نقدي يمنح للأسرة حرية التصرف وفق احتياجاتها الفعلية.

برنامج الحليب ضمن منظومة الدعم الحكومي

يمثل برنامج الحليب المخفض أحد برامج الدعم العيني التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع وزارة الصحة، ويهدف إلى ضمان تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية للأطفال في مراحلهم المبكرة من النمو، من خلال توفير عبوات حليب مدعومة تصرف بأسعار رمزية عبر منافذ معتمدة في مختلف مناطق المملكة.

هذا الدعم لا ينظر إليه كمجرد منتج غذائي، بل كأداة وقائية وتعليمية تضمن للطفل نمو صحي وفق المعايير الطبية المعتمدة، وتساعد الأسر منخفضة الدخل على تجاوز أعباء تكاليف تغذية الرضع.

لماذا يطالب بعض المستفيدين بتحويل الدعم إلى نقدي؟

رغم أهمية البرنامج، فقد عبر عدد من المستفيدين عن رغبتهم في استبدال الحليب بمبلغ نقدي، ويستند هؤلاء إلى عدة دوافع منطقية:

  • وجود أطفال لا يتناولون الحليب بسبب حساسية غذائية أو مشكلات هضمية مثل عدم تقبل اللاكتوز.
  • امتلاك الأسرة لبدائل غذائية أكثر ملاءمة لطفلها من الحليب المخصص.
  • رغبة بعض الأسر في توجيه الدعم نحو احتياجات أكثر إلحاح، كالمستلزمات الصحية أو الغذائية الأخرى.

هذا التباين في الاحتياجات يبرز حقيقة أن "الحاجة" ليست موحدة بين جميع المستفيدين، وأن البرامج الموحدة قد لا تكون دوما الحل الأكثر عدالة أو كفاءة.

موقف الجهات الحكومية من دعم الحليب العيني

من جانبها، تؤكد وزارة الموارد البشرية أن نموذج الدعم العيني، وتحديد في حالة الحليب، تم اختياره بناءً على توصيات صحية وغذائية مدروسة، وبدعم فني من وزارة الصحة.

والهدف الرئيسي هو ضمان وصول الدعم إلى الطفل بشكل مباشر دون أن يتأثر بسوء الاستخدام أو الأولويات المتغيرة لدى الأسرة.

وترى الجهات المعنية أن التحكم في نوعية المنتج وكمية توزيعه يضمن تقديم منتج آمن وفعال للأطفال، كما أن تجربة الدعم النقدي في بعض الحالات قد تؤدي إلى انحراف الدعم عن هدفه الأساسي.

هل هناك مجال لتطوير البرنامج؟

على الرغم من تمسك الجهات الرسمية بالنموذج الحالي، إلا أن هناك مؤشرات على انفتاح على المراجعة والتطوير.

فقد أوضحت الوزارة أن جميع المقترحات الواردة من المستفيدين تخضع للدراسة ضمن لجان مختصة، وأن عملية تحديث برامج الدعم مستمرة وتراعي متغيرات الواقع المعيشي.

هذا الطرح يعكس توجه نحو برامج أكثر مرونة وتنوع قد تسمح في المستقبل بخيارات متعددة للمستفيد، مع الإبقاء على الرقابة والضوابط الكفيلة بضمان وصول الدعم لمستحقيه الفعليين.

نماذج بديلة محتملة

يرى مختصون في التنمية الاجتماعية أن أفضل الحلول يكمن في تقديم خيار مزدوج للأسرة:

  • إما الحصول على دعم عيني تقليدي (منتج الحليب).
  • أو الحصول على بديل نقدي مشروط يُصرف وفق ضوابط محددة، مثل القسائم الغذائية أو البطاقة الشرائية المخصصة.

هذا النموذج يحقق التوازن بين الحرية والرقابة، ويمنح الأسر حرية التكيف مع احتياجاتها دون المساس بأهداف البرنامج.

البعد الصحي في الجدل القائم

لا يمكن تجاهل أن احتياجات الأطفال الصحية ليست موحدة، فهناك أطفال بحاجة إلى حليب خاص لا توفره المنافذ المعتمدة، كما أن بعض الأسر تلجأ إلى أنواع غير مدعومة بسبب ظروف صحية نادرة، لذا تبرز الحاجة إلى:

  • تنويع أصناف الحليب ضمن البرنامج.
  • توفير بدائل معتمدة لمن يعانون من حساسية أو أمراض مزمنة.
  • التعاون مع الجهات الصحية لتشخيص الحالات الخاصة ومنح استثناءات مناسبة.

دور المجتمع المدني في سد الفجوات

في هذا الإطار، أبدت عدد من الجمعيات الخيرية والمبادرات الأهلية استعدادها للتكامل مع الحكومة، من خلال توفير حليب خاص أو مساعدات نقدية للحالات التي لا يشملها الدعم الحكومي.

هذا التعاون بين القطاعين الرسمي والمدني قد يسهم في سد الفجوات وتلبية الاحتياجات الفردية بشكل أكثر مرونة.

الاستدامة والعدالة في الدعم الاجتماعي

النقاش الحالي حول استبدال الحليب بمبلغ نقدي لا يدور فقط حول الحليب كمادة غذائية، بل حول فلسفة الدعم الاجتماعي نفسه:

  • كيف نحقق الكفاءة في إيصال الدعم؟
  • كيف نوازن بين التخصيص والمرونة؟
  • ما الطرق الأفضل لضمان عدالة التوزيع في ظل تفاوت الظروف؟

هذه الأسئلة تمثل جوهر النقاش العام، وتستدعي تبني آليات مرنة، مبنية على البيانات والتحليل الاجتماعي، لا على النماذج الموحدة.

تطلعات نحو مستقبل أكثر تكامل وواقعية

مع استمرار الجدل، يبقى المطلب الأبرز هو تطوير آليات الدعم بحيث تراعي:

  • التنوع الأسري والغذائي والصحي.
  • خصوصية كل حالة.
  • تحقيق هدف "الدعم المُستحق لمن يستحقه" لا شكلي، بل فعلي.

ويمثل إشراك المستفيدين في صياغة وتقييم البرامج خطوة حيوية في هذا الاتجاه، باعتبارهم الشركاء الحقيقيين في بناء سياسات أكثر عدالة وفعالية.