السعودية: كاميرات المواطنين والمقيمين من اليوم يحق لها توثيق وارسال هذه المخالفات لوزارة الداخلية

كاميرات المواطنين والمقيمين من اليوم يحق لها توثيق وارسال هذه المخالفات لوزارة الداخلية
  • آخر تحديث

لم تعد مسؤولية ضبط المخالفات المرورية والسلوكية في الأماكن العامة محصورة على الجهات الأمنية فقط، فقد بات كل مواطن ومقيم في المملكة العربية السعودية شريك فاعل في الحفاظ على النظام العام، بفضل التطور التكنولوجي وانتشار الكاميرات الذكية وتطبيقات الإبلاغ الرقمية.

كاميرات المواطنين والمقيمين من اليوم يحق لها توثيق وارسال هذه المخالفات لوزارة الداخلية 

بهذا التحول، تغيرت المعادلة وأصبح الفرد العادي قادر على رصد المخالفات وتوثيقها والإبلاغ عنها، مما أسهم في تعزيز ثقافة احترام القانون والالتزام المجتمعي، وهو ما أبرزه الكاتب الصحفي خالد السليمان في مقاله المنشور بصحيفة "عكاظ".

المواطن عينه على المخالفين

في مقاله الذي حمل عنوان "عيون المجتمع"، أشار السليمان إلى أن تطبيقات مثل "توكلنا" و"بلدي" فتحت المجال أمام أفراد المجتمع للمساهمة في رصد مخالفات مثل إلقاء النفايات في الشوارع أو من نوافذ السيارات، والتي كانت في السابق تمر دون رصد أو عقاب.

وقد أكد المحامي سلمان الرمالي في حديثه للصحيفة أن الصور الملتقطة للمخالفات والتي تظهر بوضوح أرقام لوحات السيارات أو توثق الأفعال غير القانونية، تعتبر أدلة إثبات مقبولة قانونيا، ما يعزز من مصداقية تلك البلاغات ويدفع نحو اتخاذ إجراءات رسمية بحق المخالفين.

عيون رقمية في كل مكان

يوضح السليمان أن الشوارع والطرق لم تعد مكان يتاح فيه ارتكاب المخالفات دون أن يلاحظها أحد، فاليوم هناك كاميرات المراقبة، وكاميرات "الداش كام" في السيارات، وعدسات الهواتف الذكية، كلها أصبحت عيون متنقلة يمكن أن ترصد السلوكيات السلبية وتحمل مرتكبيها المسؤولية.

ويضرب الكاتب مثال من تجربته الشخصية، حيث ذكر أن كاميرا سيارته تسجل يوميا عدد من المخالفات المتكررة، مثل:

  • السير على أكتاف الطريق
  • القيادة بسرعات متهورة
  • عكس اتجاه السير
  • إلقاء النفايات من نوافذ السيارات

ويرى أن مشاركة الأفراد في توثيق هذه المخالفات ورفعها إلى الجهات المختصة تمثل واجب وطني، لا سيما إذا كان الهدف منها هو تقويم السلوك ونشر الوعي وتحقيق بيئة حضارية آمنة.

"لا تبوق ولا تخاف"

استشهد السليمان بالمثل الخليجي الشهير "لا تبوق ولا تخاف"، ليؤكد أن الإنسان الذي لا يرتكب خطأ لا يخشى أبدا من أن يتم رصده أو مساءلته، بل يسير مطمئن بثقة في طريقه، لأن سلوكه منسجم مع القانون، وبين الكاتب أن المجتمعات المتقدمة تنقسم إلى فئتين من الأفراد:

  • فئة تحترم القانون اقتناع بأهميته وضرورته لتنظيم الحياة.
  • وفئة أخرى تخاف من القانون فقط لأنها تدرك قسوته عند تطبيق العقوبات.

أما من يستهين بالقانون أو يتعمد مخالفته، فعليه أن يكون مستعد لمواجهة العواقب القانونية والغرامات التي تنتج عن تصرفاته غير المنضبطة.

التبليغ عن المخالفات ليس تجسس

في زمن أصبحت فيه الرقابة رقمية ومجتمعية بامتياز، لم يعد من المقبول النظر إلى من يوثق المخالفات على أنه "متطفل" أو "متجسس"، بل هو مواطن واعي يمارس حقه وواجبه في بناء مجتمع يسوده النظام والنظافة والأمان.

ولذلك، فإن تشجيع الناس على استخدام أدوات التوثيق والإبلاغ لا يهدف إلى فضح الآخرين، بل يسعى إلى رفع مستوى الانضباط السلوكي، وتثبيت قيم احترام الممتلكات العامة والخاصة، والحد من التصرفات العشوائية التي تعكر صفو الحياة اليومية.

رصد المخالفات

اختتم الكاتب مقاله برسالة واضحة وشاملة، مفادها أن تطبيق القانون ورصد المخالفات لا يهدف إلى العقوبة بقدر ما يسعى إلى التوعية والتقويم، فكلما شعر الناس بأن سلوكهم مرصود وأن مخالفاتهم لا تمر دون محاسبة، زادت درجة التزامهم، وتحسن أداء المجتمع ككل.

إن رصد المخالفات عبر وسائل ذكية وفعالة، هو أحد أهم الأدوات التي تعزز جودة الحياة وترتقي بالمجتمع حضاري، وتثبت أن التقدم لا يقوم فقط على البنية التحتية، بل على الانضباط السلوكي واحترام القانون من الجميع.